Logo

سور وادان العظيم ... العمارة أنقذت الإنسان

الإطار التاريخي لبناء السور

شكل موقع وادان الاستراتيجي في طريق القوافل، وصرة الصحراء الكبرى؛ وضعًا خاصًّا، فرض على سكانها منذ أيام التأسيس الأولى، تشييد سور حول المدينة بدء في عام 540هـ، واستمر العمل فيه إلى غاية 547هـ.
ووفَّر هذا السور لأهل المدينة فرصة نادرة، من أجل الحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم.. إذ تحكي الروايات أن وادان لم تُنهب مرة منذ إنشاء السور.. حتى صار مضربًا للأمثال الشعبية "إش عليك يا وادان نفير آخر الليل".
ولم يسجل التاريخ سوى حصار واحد في بداية القرن التاسع عشر ضربته إحدى القبائل الصحراوية حول المدينة، ودام شهرًا كاملاً، لكن تلك القبيلة رجعت عاجزة أمام هذا السور.
وقد سهَّل وضع المدينة في سفح جبل كبير يكاد يلتف حولها، ويحضنها بحنان، إقامة هذا السور العظيم، حيث كان يتدرج من أعلى الجبل إلى أسفله آخذًا شكلاً دائريًّا..

* وصف السور:

تم بناء السور على شكل دائرة تمتد من أعلى الجبل غربًا لتنتهي عند سفحه شرقًا.. وبُنِيَ دائريًّا ليضم عيون المياه التي تقع على بعد مسافة نصف كيلو متر شمال المدينة.. ويبلغ سمك حائط السور مترًا ونصف المتر، ويبلغ ارتفاعه أربعة أمتار في الأماكن البعيدة عن البوابات، بينما يبلغ ارتفاع السور وسمكه عند البوابات الضعف، ومواد البناء التي استخدمت في بناء السور هي الحجارة والطين ومواد أخرى استقدمت من فاس والقيروان، وللسور أربع بوابات، كل واحدة منها في جهة من الجهات الأربع.. وأضخمها البوابة الشرقية وتدعى "فم المبروك".

ويحرس تلك البوابات حرس خاص يعملون طوال اليوم ولهم زي يميزهم.. ويتم تدريبهم وانتقاؤهم من بين الأقوياء ، بينما يوجد على رأس كل فرقة عريف، وكان لكل باب طبل خاص، يقرع عددًا معينًا من المرات، إيذانًا بفتحه أو إغلاقه. وكانت هذه البوابات موزعة من حيث أهميتها، حيث لكل واحدة منها قيمة خاصة وهدف تقوم به. ففي الوقت الذي تمثل فيه بوابة "فم المبروك" مدخلاً رئيسيًّا للقوافل القادمة من المشرق من مصر والحجاز وتونس والسودان والشام وكذلك من الجنوب الشرقي من مالي.

تقابل هذه البوابة بوابة أخرى من جهة الغرب، وهي أصغر حجمًا، وتدعى "فم القصبة"، وخصصت هذه البوابة للقوافل القادمة من النهر السنغالي، وتُدْعى تلك القوافل "القارب".

هذا في الوقت الذي تمثل البوابتان الجنوبية والشمالية مصدري دخول وخروج الحيوانات وأصحاب المشاغل من سكان المدينة.