Logo
تابعونا على

المديح النبوي في موريتانيا والتعبير عن العواطف الدينية

 

يعتبر المديح النبوي في موريتانيا من الفنون الشعبية الذي يعتبر جزءا من الفلكلور العام للمجتمع الموريتاني من حيث الإيقاع والمقامات وإن كان هناك اختلاف في بعده الديني والتاريخي.

ويمارس المديح بشكل يختلف عن الموسيقى التقليدية التي تمارسها فئة الفنانين التقليديين.

وينطلق هذا النمط الغنائي في الغالب من رافدين رئيسيين: أولهما الثقافة العربية الإسلامية التي تتجلى في المضمون الديني الذي يتغنى بأمجاد النبي الكريم محمد صلى لله عليه وسلم وبأعماله وخلقه أوب ذكر مناقب صحابته ، حيث يتم ذلك في سياق زمنى محدد وهو مساء الجمعة أو ليلة المولد النبوي. أما الرافد الثانى فيتجلى في الثقافة الزنجية وفي تأثيرها من خلال الطابع الشعبي الفلكلوري وما تعكسه الحالة النفسية للمادح من تفاعل حركي خلال الأداء.

وتقام حلقات المديح النبوي في الغالب ليلاً، ويتنادى إليها أهالي القرية للاستماع للمداح الذي يتنقل بين الأناشيد المختلفة المعروفة بـ"الأشوار" أو "لكرز" وفقاً لسلم موسيقي محلي يراعيه المنشد الذي غالياً ما يكون هو ذاته ضابط الإيقاع على الطبل.

و يعتمد المديح النبوي الموريتاني قصائد معروفة ومنظومة باللهجة الحسانية المحلية، تستند على سرد قصصي للسيرة النبوية وغزوات المسلمين في فجر الإسلام، كما تتطرق للمعجزات التي نقلتها كتب السير. وإن كانت أغلب هذه القصص معروفة تاريخياً إلا أنها لا تخلو من زيادات لا يوجد لها سند في كتب التاريخ، بل تحمل هذه "الأشوار" أحياناً قصصاً خرافية .

ولا يقتصر المديح الشعبي على فئة معينة من المجتمع كما يرى البعض بل تشترك جميع فئات المجتمع في عشق هذا الفن وممارسته .

ويتقاطع المديح الشعبي الموجود اليوم مع الموسيقى التقليدية في نفس البحور، غير أن الفرق يكمن في الآلات المستخدمة، كما أن بعض النصوص المستخدمة في المديح الشعبي مجهولة المصدر وتختلط معها الملاحم الدينية الإسلامية.

ويشكل الاهتمام الإعلامي المتزايد بفن المديح الشعبي في موريتانيا وما بات يثيره من اهتمام لدى الباحثين الأكاديميين مساهمة هامة في تغيير صورة المادح الشعبي الذي يعاني غالبا من الأمية والفقر المدقع ، ويعبر أغلب المداحين عن أملهم في أن يساهم هذا التطور في تحسين وضعهم المادي.